الأحد، 23 أكتوبر 2011


لعلها أول مرةٍ أكتبُ فيها وأنا لا أدري بمعنى الكلمة ما عسايَ أن أكتب ..
بل ربما لا أريد حتى أن أكتب .. أشفق على الشفقة من وقع كلماتي .. من صرخاتها المكتومة .. من غنائها الباكي .. بل حتى من اندفاعي نحو شيءٍ لا أدركُ كنهه
شيءٌ أقسم – أنا التي احترفتِ الكتابة رُغما عنها – أني لا أستطيع وصفه .. شيءٌ فوق استيعابي .. فوق قدرة كلماتي .. فوق توقعاتي أو ربما في صميمها !
لا أدري .. ولا أريد أن أدري
لعلكَ كنتَ تخشى أن يأتيَ يومٌ أقتلك فيه بسلاحيَ الوحيد ..؟
اطمئن .. لن أفعل
لن أفعلَ لأنني –وبكامل إرادتي- منحتكَ حق تجريدي .. فلستَ المُلامُ إذن .. أنا الآنَ أقتل اللا شيء ..

أما أنت .. هيا ابتسم .. قد انتصرتَ يا عزيزي .. نزَعاتكَ الانتقامية منكَ تمكنت .. سلبتني ما منحتني يوما بذاك القدر من .. ماذا يُسمّونه يا تُرى ..؟ والله لا أدري كيف يوصف .. ولم أشعر أنا بالمنح ولا بالفقدان لأنني قد عوّدتُ نفسي منذ وقتٍ بعيد على إدراك ما لي وما ليس لي ..
 شتّان بين النار والماء !
بين حبٍّ وامتلاك .. بين قلبٍ وقالب  .. عطاءٍ واستحواذ ..

لطالما كتبتُ عن خيباتي .. عن هزائمي .. عن أمانيّ الضائعة .. في الحقيقة أنا لم أكن أكتب أنا كنتُ أنكتب .. كان يُملى عليّ ..
لم أختر واحدا من أقداري .. لم أختر أن أُطعن أو أن تسيل دمائي على يديْ أُناسٍ كانوا أقربَ لي من أنفاسي .. وكنتُ أصلُ معهم إلى تلك الحالة التي أجدني فيها باكيةً بين يدي ربي وأنا أذكرهم .. وأفوّضُ أمري وأمرهم له .. وأعتذر أحيانا له عن فِعالهم معي خوفا عليهم
أما اليوم ..
أنا لم أجهضْ جنينَ  حبٍّ مُحتملٍ من رحمي فقط .. أنا استأصلتُ رحمي أيضا .. وستبقى أنتَ صاحبَ السبق .. في جعلي عاقر !

كيف لي أن أشكرَك ..؟
قبلكَ مباشرةً كنتُ أبحث عن طريقةٍ ما أجهضُ بها أجنّةً أخرى كبُرَت بداخلي واقتسمت دمائي وغذائي .. ثم ماتت بعد أن سمّمتني ..
كنتُ أدركُ جيدا أنه لا عيشَ لي و هُم في أحشائي .. أمضي في طريقي مُثقلةً بهم .. عاجزةً عن الموت والحياة معا .. كنتُ كالحمقاءِ وأنا أعتقدُ أن ذكراهم ضربٌ من الوفاء .. لكنني أدركتُ –ولو متأخرة- أنه لا بديل عن التنكّر لماضٍ يعيش فيكَ بعد أن عشتَ فيه
 عاجزةٌ أنا عن وصف امتناني لك .. صنيعكَ لا يُنسى .. وهذه المرة –أخيرا- سأقوى على أن أنسى وأنسى وأنسى
ما دمتُ بلا رحمٍ يا عزيزي .. سأقدر على التحليق .. لن يكونَ بمقدور كائنٍ من كان .. أن يسلبَ عذريّة أنوثتي بجنينٍ بائس .. هيا افرح قد صرتُ قويةً أنا .. خاليةً من أحلام العودة لأنه لن يكونَ ثمّةُ رحيلٍ من الأساس

والله ما تكلفتُ غير بضعِ دمعاتٍ وبعضٍ من ألم .. ألمٍ من ذلك اللاشيء لا منك .. من ظنوني حين تخونني .. لا أكثر
 يا إلهي ما أقربَ اليومَ للبارحة !
 كنتَ تقتربُ من عالمي ويطاردني أنا شبحُ حكايةٍ مخيفةٍ لك .. الآنَ عرفتُ أنه لم يكن شبحاً لأنه لم يمت ..
 أنتَ كما أنت .. كما رأيتُكَ حينها ووجلت .. وتوجّستْ روحي خيفة .. فتخبرني أنكَ لستَ بذا السوء الذي أخاله .. أنكَ عاشقٌ حتى النخاع ولكن لمن يستحق !
وها قد أعطيتَني اليومَ درساً في الجدارة .. فيا للسخرية
دعني إذن يا عزيزي أعطيكَ أنا بدوري درسا في الأدب , وأنا بحكمِ السنوات أفوقكَ خبرةً فيه
يا كاتبا يلهو بكلماته كيفما تقتضي ظروفه .. يراها مُلكا يمنحه لمن شاء وينزعه عمن أراد .. يخلط ما كان بما تمنى .. وما لهذا بما لذاك .. وما مضي بما لا زال
حرٌّ أنتَ فيما تكتب .. ولكن يا كاتبيَ العزيز .. الأدبُ خدعةٌ نعم , إلا أنها لا تنطلي على كاتب !

أنا لا يُضيرني أن أكون في عُرفكَ مهزومة .. لأنني لم أعتد أن ألجَ بقلبي ساحةَ حرب .. في الحب تُنزع الأسلحة .. وأنا منذ شعرتُ تجاهك بالألفة , ألقيتُ بكامل أسلحتي في أرضك وكشفتُ لكَ عن مكنوني .. عن أولئك الموتى الذين لازالو في الذاكرة وفي مرمى البصر ..عن أصواتهمُ التي أوشكت أن تفقدني صوابي .. عن موقفي من وجودك .. عن خوفي منك .. وعن أمليَ الذي تخليتُ عنه فجاءني ماثلا فيك .. حتى رحيلي كان بمثابة الرحيل عن الرحيل .. والبقاء فيكَ ومعك

لا زالَ بوسعي أن أكتب .. عن الخيبات والمكابرة .. عن الحنين والأنين .. عن كل شيءٍ كنتُ أخطّ عنه بقلمي ورفيقي وصاحبي .. وعزائي وسلاحي
لكنكَ اليومَ لستَ خيبةً لأكتبَ عنها بذلك القدر المعتاد من الانهمار والاندثار .. التبخّر والتكاثف .. الهطول والقحول

كنتَ من قلبي على الحافة ..
 سقطةٌ واحدة كانت تكفيكَ لتصيرَ كلّ شيء .. سقطةٌ واحدة كانت كفيلةً لتكون صاحب أرضٍ حاولتُ أن أمهّدها لك .. وأن أنزعَ أشواكَها لتقدرَ على المشي فيها حافيا .. إلا من خُفّيْ شوق ..
لكنكَ أبيتَ إلا أن تكونَ بينَ بين .. شبهَ خيبةٍ أو شبه حب .. وأنا الأشباه لا تستهوي قلمي .. لذلك أكتب للاشيء.

هناك 3 تعليقات:

كفايـة طيبـة يقول...

معقول

كل ده

مش عارفة اعلق على انهي براجراف
كل كام جملة فيهم معني خطير

"في الحب تُنزع الأسلحة"

" سقطةٌ واحدة كانت كفيلةً لتكون صاحب أرضٍ حاولتُ أن أمهّدها لك .. وأن أنزعَ أشواكَها لتقدرَ على المشي فيها حافيا .. إلا من خُفّيْ شوق .. لكنكَ أبيتَ إلا أن تكونَ بينَ بين .. شبهَ خيبةٍ أو شبه حب .. وأنا الأشباه لا تستهوي قلمي .. لذلك أكتب للاشيء."

بوست عميق وثري جدا

بس كان عندي سؤال
"كنتَ تخشى أن يأتيَ يومٌ أقتلك فيه بسلاحيَ الوحيد"

ايه هو سلاحك الوحيد ؟

كفايـة طيبـة يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
هِـبَـةُ الله يقول...

مومو منورة يا حبيبي :)
فرحت إنك عديتي من هنا .. ونورتيني

سلاحي الوحيد .. هو القلم أو الكتابة
(F)