الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

ريـحـانـةُ الـلـحـظـات



ساعات هي..كانت لتكون كعمر..كعمر مضى قسرا..أو عمرٍ غالٍ سوف يمضي..
كانت لتكون..سويعات فرحٍ مسروقة..من بين براثن زمنٍ كئيب..
كانت لتكون..أحلام صبا..في طريقها لترى النور قبل المشيب..
أغرودة نشوى..وانتشاء..مقطوعة أهازيج تعزفها في ضوء القمر..على قيثارة القلب البضّ..
إعصارٌ حانٍ..بركان عطوف..أتى ليقتلعك من أرض الخراب..وليثور معك في وجه التعاسة..
كانت لحظات..ستكون في ذاكرة الخلود..وخلود الذكرى لأصالتها عنوان..
كانت حياةً في حياة..حياةً تتلهف أن تعيشها..في حياةٍ لا تريدها ولا تريدك..!
كانت لتكون الربيع الوليد..منرحم المعاناة الكامنة في أعماق القهر..

لماذا..؟لماذا انتحرَتْ على أعتاب المنى..كما ينتحر طول الأمل على أعتاب دنوّ الأجل..؟!
لماذا اعتلتْ صهوة جواد الرجاء..لترحل به إلى عالم المستحيل..على أنه الكائن لا محالة..؟ّ!
لماذا أبتْ إلا أن تريك ما تكره..في مكنون القلب وزهرة العمر الغابر..؟!
لماذا قدمت لكَ قرابين الرضا..على مذبح التخاذل الساخط..؟!

لحظاتٌ هي..كانت لتكون العمر..وما أغلى العمر!
تُراها الآن..رحمًا لا ينجب إلا الألم..؟أم مخاضا عسيرا لا يجلب سوى الرثاء..؟
حزنا يتعاظم لا يتقهقر..؟
أم ضريبةً تدفعها صاغرا..من خفقات قلبك الدامي..وروحك التي بلغت الحلقوم..وصوتك المبحوح من صرخة النقاء فيك..
وابتسامتك التي تتهاوى كالحلم الذبيح على شفتيك..ودمعتك التي تترنح كالثمل في عينيك..
والأرض تخالها تهتز..وهي تميد من تحت قدميك..والرمق فيك مشفقٌ عليك..وارتجافة يديك كما المجرم..وأنت عين القتيل!
ونقمة الخيال فيك..على واقع جاثمٍ على صدرك..لا يسمح لك أن تتنفس..حتى لكي تتخيل!

تلك اللحظات..كنتَ ترجو أن تمنحك عمراً آخر..تعيش فيه أو يعيش فيك..
فصرت تتمنى أنها ما كانت..لأنها سلبتك عمرك الحقيقيّ حين برّأتك من ماضيك..واغتالت حاضرك..فاستوى لديك التبر والتراب..فما عدتَ تستشرف المستقبل..

هي ريحانة اللحظات..يستهويكَ ريحها وتأسرك جاذبيتها..ثم تُفجع بمذاقها..وفجيعتك..لا تمنعك أن تتجرع علقمها رغما عنك..
لأنك إن لفظته كمداً..لفظتَ معه الحلمَ المريميّ..وبقايا الأماني الضائعة..وشموخك الكسير..
                                                                   
ولكي تبتلعه مُذعنا..ستضيف إليه نكهاتٍ من كأس مآقيك..محمرّا بدماء جراحك..ولتشرب يا صاحبي..في نخب الهوان اللعين.

أكتوبر 2010

ليست هناك تعليقات: